العناية بصلاح الباطن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
الصوم عبادة ظاهرة وايضا عبادة باطنة وذلك من اوجه
أولها: النية
لابد للصوم من نية وخصوصا ان الفرض لا بد ان تبيت من الليل
وكما هو معروف النية عمل باطن فإذا صائم الصائم وأمسك من طلوع الفجر إلى غروب الشمس
بغير أن يبت نية لم يكتب له أجر وأن هذا الصوم صوم غير شرعي فلذلك لابد من تبيت النية
والنية عبادة قلبية محلها القلب
ثانيها : سر العبد والرب
الصوم سر بين العبد وربه كما قال تعالى " إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به "
فأن الصائم أراد أن يفطر لاستطاع أن يفطر دون أن يعلم بذلك أقرب الناس إليه،
حتى زوجته لا تدري بذلك، ولكنه يمتنع حتى في خلوته فضلاً عن جلوته؛ خوفاً من ذي الجلال والإكرام،
ورعايةً لحق الله تعالى.. إذاً فالصوم عبادة باطنة.
ثالثها: صوم الجوارح
أن الصوم له تبعات، فإذا صام الانسان فليصوم السمع والبصر واللسان
عما حرم الله عز وجل، وهذه أيضا أمور كلها تعتمد على ما في باطن الإنسان.
فلذلك إن صلاح الظاهر لا يكفي إنما يكون أيضا بصلاح الباطن
فالالتزام بالمظهر فحسب لا يكفي، فقد يلتزم الإنسان بمظهر طيب ويكون كذاباً!
يكذب كذبات لا أول لها ولا آخر، وقد رأينا من هؤلاء أصنافاً -لاكثرهم الله- ويغتر بهم الناس لما هم عليه من صلاح الظاهر
فتسير أكاذيبهم والعياذ بالله سير الشمس، وتبلغ الكذبة من أحدهم الآفاق، ويتحدث الناس بها لا يشكون
لا يرتابون في أنها حقٌ؛ لأن الذي تكلم بها ثقة، وما أدراك أنه ثقة؟! قال: ما شاء الله! تبارك الله!
شكله كذا وصفته كذا، فهذا لا يكفي، الالتزام بالمظهر لا يكفي.
ومن أعظم ذلك الحسد والحقد الذي يأكل قلوب كثيرٍ من الناس أكلاً ولو كان ظاهرهم الصلاح.
خطورة أمراض القلوب
فأمراض القلوب أخطر من أمراض الأبدان بكثير، وربما تفلح بسهولة في تحويل مظهر الإنسان إلى مظهر مستقيم،
ولكنك تحتاج إلى جهود مضاعفة لتحويل قلبه إلى قلب سليم! والله تعالى ما جعل النجاة في الآخرة لمن أتاه ببدن سليم أبداً، أبداً!!
وإنما قال على لسان إبراهيم عليه الصلاة والسلام:
" يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ"
[الشعراء:88-89].
ما قيمة العمل الظاهر من دون صلاح القلب
كل عملٍ ظاهرٍ لا بد له من رصيد، وإلا لم يكن له قيمة، وقد قال الله تعالى عن الكافرين الذين فسدت
بواطنهم بالمرة: "وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً"
[الفرقان:23].
وسألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن جدعان
وكان رجلاً كريماً جواداً محسناً في الجاهلية، يتصدق ويكرم الضيوف وغير ذلك، قالت:
يا رسول الله أينفعه ذلك؟ قال: { لا يا عائشة ! إنه لم يقل يوماً من الدهر: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين}
فلا ينفعه ذلك.
ولما سأل عدي بن حاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المروي
عن أبيه -وكان جواداً شهيراً، وهو حاتم الطائي الذي يضرب به المثل- هل ينفعه ما فعل؟ قال:
{إن أباك أراد أمراً فبلغه} أي أراد الدنيا فحصلت له الدنيا والسمعة،
وما له عند الله في الآخرة من خلاق..!
العبادات شرعت لإصلاح القلوب
أن العبادات كلها إنما شرعت لإصلاح القلوب، فالصيام مثلاً شرع لصلاح القلب،
وفرقٌ بين صائم تجده صام سمعه وبصره ولسانه فهو خاشع متعبد منفق أواب قارئ للقرآن ذاكر لله تعالى غاض لبصره،
وبين آخر صائم ولكنه إما نائم، أو سهران على ما حرم الله من الأصوات والصور، أو مشتغلٌ بأعراض الناس، أو يسب ويشتم،
أو يرفع صوته بالبذاءة على أهله وعلى زملائه في العمل وعلى المراجعين وعلى غير ذلك، أو يهمل عمله ولا يقوم به،
أو يؤذي جيرانه؛ فلا يزيده الصيام إلا سوءاً وبعداً وإعراضاً وقسوة في قلبه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
بصمةالزوار
بارك الله فيكم