الرحمن الرحيم
مالك يوم الدين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إمام المتقين
وقدوة الخلق أجمعين
صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه وسار على نهجه إلى يوم الدين
ما بين الموت والبعث
فمن مات فقد دخل البرزخ
وفي هذا البرزخ نموذج من الجزاء الأخروي
فهو أول منزل من منازل الآخرة
ففيه سؤال الملكين ثم العذاب أو النعيم .
ويسمى بفتنة القبر
وهو الامتحان والاختبار للميت حين يسأله الملكان
ثم يضرب بمطراق من حديد بين أذنيه ، فيصيح صيحة ، فيسمعها من عليها غير الثقلين " .
قال الله تعالى : ( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ) الأنعام
عن ابن عباس أن النبي مر بقبرين ، فقال : " إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير : أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " ثم دعا بجريدة فشقها نصفين ، فقال : " لعله يخفف عنهما مالم ييبسا " .الصحيحين
إذا بلغ الإنسان الأجل الذي قدره الله له واستكمل عمره ورزقه وما كتب له في هذه الدنيا
جاءته رسل ربه عز وجل ينقلونه من دار الفناء ( وهي دار الدنيا ) إلى دار البِلَى ( وهي حياة القبر ) ثم إلى دار البقاء ( وهي الحياة الآخرة ) التي لا موت فيها بل حياة أبدية
فيسعد فيها أهل الجنة سعادة لا شقاء معها
ويشقى فيها أهل النار شقاءً لا سعادة معه ولا بعده
فإذا حل الأجل وحان الرحيل واستوفى الإنسان أجله في هذه الدنيا جاءته ملائكة ربه تبارك وتعالى لقبض روحه فجلسوا منه مد البصر
ثم دنا منه الملك الموكل بقبض الأرواح فاستدعى الروح فإن كانت روحاً طيبة قال : اخرجي أيتها النفس الطيبة في الجسد الطيب وإن كانت غير ذلك قال لها الملك : اخرجي أيتها النفس الخبيثة في الجسد الخبيث
ثم قال : (( إن العبد المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا ، نزلت إليه الملائكة ، كأن على وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة ، فجلسوا منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ، فيقول : يا أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ))
(( فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء ، فيأخذها ، فإذا أخذها ، لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذها فيجعلوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط ،ويخرج منها كأطيب نفخة مسك وجدت على وجه الأرض )) .
قال (( فيصعدون بها ، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة ، إلا قالوا : ما هذه الروح الطيبة ؟ فيقولون : فلان بن فلان ( بأطيب أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا ) . حتى ينتهوا بها إلى السماء ، فيستفتحون له ، فيفتح له ، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها ، حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله ، فيقول الله عز وجل : اكتبوا كتاب عبدي في عليين ، وأعيدوه إلى الأرض ، فإني منها خلقتكم ، وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة أخرى )) .
قال (( فيصعدون بها ، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة ، إلا قالوا : ما هذه الروح الطيبة ؟ فيقولون : فلان بن فلان ( بأطيب أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا ) . حتى ينتهوا بها إلى السماء ، فيستفتحون له ، فيفتح له ، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها ، حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله ، فيقول الله عز وجل : اكتبوا كتاب عبدي في عليين ، وأعيدوه إلى الأرض ، فإني منها خلقتكم ، وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة أخرى )) .
النميمة سبب من أسباب عذاب القبر
وأيضا عدم الاستتار من البول
وعدم التنزه منه وهذا ما ذكره النبى .
أيضا من أسباب عذاب القبر الكذب والربا وهجر القرآن
قال اللـه عز وجل : { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللـه ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ(30)نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ(31)نُزُلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ } فصلت .
ومن أنفع الأسباب كذلك للنجاة من عذاب القبر ما ذكره الإمام ابن القيم فى كتابه القيم ( الروح ) ، قال : ومن أنفعها أن يتفكر الإنسان قبل نومه ساعة ليذكر نفسه بعمله ، فإن كان مقصراً زاد فى عمله وإن كان عاصياً تاب إلى اللـه ، وليجدد توبة قبل نومه بينه وبين اللـه .
فإن مات من ليلته على هذه التوبة فهو من أهل الجنة ،نجاه اللـه من عذاب القبر ومن عذاب النار .
والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وبر الوالدين ، وصلة الأرحام ، كل عمل يرضى الرب فهو عمل صالح ينجى صاحبه من عذاب القبر والنار .
وأبشركم ... أن من أعظم الأعمال التى تنجى صاحبها من عذاب القبر الشهادة فى سبيل اللـه ورد فى الحديث الذى رواه الحاكم وحسن إسناده الشيخ الألبانى أن النبى قال :
(( للشهيد عند اللـه ست خصال ، الأولى : يغفر له مع أول دفعة من دمه ، ويرى مقعده من الجنة ، الثانية : ينجيه اللـه عز وجل من عذاب القبر، الثالثة : يأمنه اللـه يوم الفزع الأكبر ، الرابعة : يلبسه اللـه تاج الوقار ، الياقوتة فيه خير من الدنيا وما فيها ، الخامسة : يزوجه اللـه بثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ، السادسة : يشفعه اللـه فى سبعين من أهله )).
فقد دنت الآجال وتبددت الآمال
فلابد من الاجتهاد في الطاعات وزيادة القربات
فالكل متهيئ للسفر من دار الانتقال إلى دار القرار
فاستعدوا أيها المسلمون أمر التقوى في القول والعمل واحذروا حب الدنيا والتفاخر بحطامها واكتساب آثامها
فهي الهالكة والحالقة التي تهلك صاحبها وتحلق دينه وتذيب عقيدته
فمن وراء ذلك أهوال عظام ووحشة وظلمات جسام وهناك الهموم والغموم
والكروب وتضايق الأنفس
فاعملوا لذلك الزائر الأخير هادم اللذات ومفرق الجماعات الذي لا يعوقه عائق
ولا يضرب دونه حجاب وياله من نازل لا يستأذن على الملوك
ولا يلج من الأبواب ولا يرحم صغيراً ولا يوقر كبيراً ولا يخاف عظيماً ولا يهاب أحداً
وإن بعده أهوالاً عظاماً ووحشة وقبوراً وعذاباً ونعيماً فاستيقظوا من الغفلة واغتنموا دار المهلة
فكل محاسب بما عمل
فإن كان خيراً وعملاً صالحاً
فذاك الفلاح والنجاح
وذاك هو الفوز وتلك هي السعادة
وإن كان شراً وعملاً قبيحاً فذاك هو الخسران المبين
وتلك هي التعاسة والشقاء "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
بصمةالزوار
بارك الله فيكم