السبت، 19 فبراير 2011

بناء المجتمع الإسلامي




بعد أن تمت بيعة العقبة الثانية
ونجح الإسلام في تأسيس وطن له وسط صحراء تموج بالكفر والجهالة
فالهجرة كانت بداية لوجود المجتمع الإسلامي الصحيح السليم
مجتمع يعيش فيه المسلمون وغير المسلمين
مجتمع تسوده أحكام العدل
وترفرف عليه رايات الإحسان والبر
وتمده شريعة السماء بتوجيهات القرآن وسنة النبي المصطفى
وتحوطه عزائم المؤمنين وتحميه من كل غائلة.





إن دروس الهجرة النبوية الشريفة لن تنقطع أبد الدهر
وسيظل معانيها اثر فياض ولن ينضب أبدا.


ولم يكن معنى الهجرة التخلص والفرار من الفتنة فحسب، بل كانت الهجرة تعنى مع هذا تعاونًا على إقامة مجتمع جديد في بلد آمن


ولذلك أصبح فرضًا على كل مسلم يقدر على الهجرة أن يهاجر ويسهم في بناء هذا الوطن الجديد، ويبذل جهده في تحصينه ورفعة شأنه‏.‏




ولاشك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام والقائد والهادى في بناء هذا المجتمع
وكان الهدف الأسمى والمطلب النبيل المقصود من الدعوة الإسلامية والرسالة المحمدية هي أعظم ما واجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنسبة للمسلمين


أن المجتمع الذي أنشأه النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة هو مثال للمجتمعات الآمنة المستقرة
وقد ظهر ذلك جليّاً منذ أن وطىء النبي صلى الله عليه وسلم بقدمه المدينة وبدأ في تكوين الدولة





ويرجع أمن واستقرار المجتمع هذا إلى عدة أسباب وعوامل ، منها :


أولاً : بناؤه صلى الله عليه وسلم للمسجد في المدينة أوّل قدومه


مما ساعد في إيجاد مرجع يُلجأ إليه حين النوازل
ومكان يجتمع فيه المسلمون يسأل بعضهم عن بعض
ويعرف بعضهم أحوال بعض
فيعاد مريضهم
وتتبع جنازة ميتهم
ويعان مسكينهم
ويزوج أعزبهم .


عن أنس بن مالك رضي الله عنه : لمَّا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أمر ببناء المسجد ، وقال : يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا ، قالوا : لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله . رواه البخاري ومسلم.


ثانياً : إيخاؤه صلى الله عليه وسلم بين المهاجرن والأنصار


وقد قوَّى هذا الفعل بين أفراد المجتمع المدني بما لم يُسمع بمثله
فآخى النبي صلى الله عليه وسلم بين العجمي والعربي
، وبين الحر والمولى
، وبين القرشي ومن دونه من أهل القبائل
فصار المجتمع لحمة واحدة
وجسداً واحداً
فلم يستغرب بعدها أن يطلب الأنصاري من المهاجر أن يتقاسم معه ماله نصفين
وأن يعرض الأنصاري على المهاجر إحدى نسائه ليطلقها له ويتزوجها
ورُغِّب الأنصار أن يوصوا لهم بشيء
فبمثل هذا المجتمع تضرب الأمثال .


عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان المهاجرون لمَّا قدموا المدينة يرث المهاجر الأنصاري دون ذوي رحمه للأخوة التي آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم فلما نزلت { ولكل جعلنا موالي } نسخت ثم قال { والذين عقدت أيمانكم } إلا النصر والرفادة والنصيحة وقد ذهب الميراث ويوصي له . رواه البخاري.


ثالثاً : شرعت الزكاة في السنة الثانية للهجرة
فصارت المواساة بين الأغنياء للفقراء مما جعل اللحمة تزداد بين المجتمع المدني وأواصر الأخوة في الله تقوى أكثر من ذي قبل
بل تعدى الأمر من إيتاء الزكاة إلى صدقة التطوع .


عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل ، وكان أحب أمواله إليه " بيرحاء " ، وكانت مستقبلة المسجد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب ، قال أنس : فلما أُنزلت هذه الآية { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن الله تبارك وتعالى يقول { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } وإن أحب أموالي إلي " بيرحاء " وإنها صدقة لله أرجو برَّها وذُخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بخٍ ذلك مال رابح ، ذلك مال رابح ، وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين ، فقال أبو طلحة : أفعل يا رسول الله ، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه . رواه البخاري ومسلم.




وقد ظهرت علامات التآلف بين المسلمين في المدينة
وعرف المهاجرون حق إخوانهم الأنصار عليهم


عن أنس قال : لما قدِم النبي صلى الله عليه وسلم المدينةَ أتاه المهاجرون ، فقالوا : يا رسول الله ، ما رأينا قوماً أبذلَ مِن كثيرٍ ولا أحسنَ مواساةً مِن قليلٍ من قومٍ نزلنا بين أظهرهم ، لقد كفونا المؤنة ، وأشركونا في المهنإ ، حتى لقد خفنا أن يذهبوا بالأجر كله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا ما دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم . رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي.


وقد ألّف الله بين قلوب أهل المجتمع المدني ، وكان الحب في الله تعالى من شعارات القوم
وقد أوجبه الله عليهم
وجعله من علامات كمال الإيمان .


عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " . رواه البخاري ومسلم


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بصمةالزوار
بارك الله فيكم