الأربعاء، 16 فبراير 2011

في ختام رحلتنا ((فأعدوا لمثل هذا اليوم ..........سلسلة في رحاب الدار الآخرة ))





الحمد لله الذي منَّ علينا بالإيمان والإسلام، وتفضل ببيان الشرائع والأحكام، ووعد من أطاعه واتبع رضاه الثواب في دار السلام.
وأوعد من عصاه بالعقاب في دار الهوان والانتقام.
نحمده على ما أفاض علينا من الأنعام، ونشكره شُكرُ المنعم واجبٌ على الأنام.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك العلام.
ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله وعلى آله وأصحابه السادة الأعلام.





تكلم أحد العلماء في صفة يوم القيامة ودواهيه وأساميه فقال: فاستعد يا مسكين لهذا اليوم العظيم شأنه المديد زمانه القاهر سلطانه القريب أوانه يوم ترى السماء فيه قد انفطرت، والكواكب قد انتثرت، والبحار قد سجرت، والنجوم قد انكدرت، والشمس قد كورت، والجبال قد سيرت، والعشار قد عطلت، والوحوش قد حشرت، والنفوس قد زوجت، والجحيم قد سعرت، والجنة قد أزلفت، والجبال قد نسفت، والأرض قد مدت.

يوم ترى الأرض فيه قد زلزلت زلزالها، يوم فيه تخرج الأرض أثقالها، وتحدث أخبارها يومئذ يصدر الناس أشتاتًا ليروا أعمالهم، يوم تحمل الأرض والجبال فدكتا دكةً واحدة.

قال الله تعالى : (فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ).

يومٌ فيه تسير الجبال وترى الأرض بارزة، يوم ترج فيه الأرض رجًا، وتبس فيه الجبال بسًا، فكانت هباءًا منبثًا، يوم يكون فيه الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المفنوش.





يوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حملٍ حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار.
يوم تنسف الجبال فيه نسفًا فتترك قاعًا صفصفًا لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا، يوم ترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب، يوم تنشق فيه السماء فتكون وردةً كالدهان، فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنسٌ ولا جان يوم فيه يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام، يوم تعلم فيه كل نفسٍ ما أحضرت، يوم تنطق فيه الجوارح.

يوم شيب ذكره سيد المرسلين إذا قال له الصديق رضي الله عنه أراك قد شبت يا رسول الله قال: "شيبتني هود وأخواتها" وهي الواقعة والمرسلات وعم يتسألون، وإذا الشمس كورت.






فيا أخوتي وأخواني في الله إليكم يوجه الخطاب انتبهوا قبل أن تناخ للرحيل الركاب قبل هجوم هادم اللذات ومفرق الجماعات ومذل الرقاب، ومشتت الأحباب، فيا له من زائر لا يعوقه عائق ولا يضرب دونه حجاب، ويا له من نازل لا يستأذن على الملوك ولا يلج من الأبواب، ولا يرحم صغيرًا ولا يوقر كبيرًا ولا يخاف عظيمًا ولا يهاب ألا وإن بعده ما هو أعظم منه من السؤال والجواب، ووراءه هول البعث والحشر وأحواله الصعاب من طول المقام والازدحام في الأجسام والميزان والصراط والحساب والجنة أو النار.

قال يحيى بن معاذ: يا ابن آدم، طلبتَ الدنيا طلب من لابُد له منها، وطلبتَ الآخرة طلب من لا حاجة له إليها.
والدُنيا قد كُفيتها وإن لم تطلبها، والآخرة بالطلب منك تنالُها، فاعقل شأنك.
وقال: مفاوزُ الدنيا تُقطعُ بالأقدام، ومفاوز الآخرة تُقطعُ بالقُلُوب.


ولقد تتطرقنا بما فيه كفاية في

سلسلة في رحاب الدار الاخرة
هنا









واعلموا وفقنا الله وإياك للاستعداد لما أمامنا من الأهوال والشدائد والكروب والأمور المزعجات.
وأنه جدير بمن الموت مصرعه، والتراب مضجعه، والدود أنيسه ومنكر ونكير جليسه، والقبر مقره، وبطن الأرض مستقره، والقيامة موعده، والجنة أو النار مورده.

أن لا يكون له فكر إلا في الموت، ولا ذكر إلا له، ولا استعداد إلا لأجله، ولا تدبير إلا فيه، ولا تطلع إلا إليه، ولا تأهب إلا له، ولا تعريج إلا عليه، ولا اهتمام إلا به، ولا انتظار ولا تربص إلا له.
عن أبي الدرداء قال: لو تعلمون ما أنتم راؤون بَعْدَ الموت، لما أكلتم طعامًا على شهوة، ولا شربتُم شرابًا على شهوة، ولا دخلتم بيتًا تستظلون، ولخرجتم إلى الصعدات تضربون صدوركم، وتبكون على أنفسكم، ولوددتُ أني شجرة تُعْضَد ثم تُوكل.

وحقيق بالعاقل أن يعد نفسه من الموتى ويراها من أصحاب القبور، فإن كل ما هو آت قريب
قال الله جل وعلا: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ)
وقال تبارك وتعالى: (أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ)
وقال : "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت" الحديث.




قال كَعْب: إنَّ أهل النار ليأكلُونَ أيديهُم إلى المناكب مِن النَّدامة على تفريطهم وما يشعرون بذلك.
فانتبه يا غافل لاغتنام عُمِركَ وازرع في ربيع حياتك قبلَ جُدوبة أرض شخصك.
وادَّخِرْ من وقت قُدرتك لزمن عجزك واعتبر رحلك قبل رحيلك.

يا ابن آدم الأقلام تجري وأنت في غفلة لا تدري، يا ابن آدم دع المغاني والأوطان والمنازل والديار، والتنافس في هذه الدار، حتى ترى ما فعلت في أمرك الأقدار، وقد بكى أولو الألباب على هذا فأكثروا واسهروا من أجله الليالي الطويلة

وإن الأمال تطوى والأعمار تفنى والأبدان تحت التراب تبلى وإن الليل والنهار يتراكضان كتراكض البريد، ويقربان كل بعيد ويبليان كل جديد وإن الله كتب على الدنياء الفناء وعلى الآخرة البقاء، فلا فناء لما كتب الله عليه البقاء، ولا بقاء لما كتب الله عليه الفناء، فلا يغرنكم شاهد الدنيا عن غائب الآخرة، واقهروا طول الأمل بقصر الأجل.






كتب بعضهم إلى أخ يُوصيه: أما بعد، فإني أوصيك بتقوى الله، والعمل بما علمك الله عز وجل، والمراقبة حيث لا يراك أحد إلا الله عز وجل، والاستعداد لما ليس لأحد فيه حيلة، ولا تنفع الندامة عند نُزوله.
فاحسر عن رأسك الغافلين، وانتبه من رقدة الموتى، وشمر للسباق غدًا فإن الدنيا ميدان المسابقين، ولا تغترَّ بمن أظهر النُّسك، وتشاغل بالوصف، وترك العمل بالموصوف.
واعلم يا أخي: أنه لابدّ لي ولك من المقام بين يدي الله عز وجل، ولست آمن أن يسألني وإياك عن وساوس الصدور، ولحظات العيون، وإصغاء الأسماع، وما عسى أن يَعْجز مثلي عن صفته.
واعلم: أنه مما وُصف به منافقوا هذه الأمة أنهم خالطوا أهل الدنيا بأبدانهم وطابقوهم عليها بأهوائهم، وخضعوا لما طمعوا من نائلهم، وداهن بعضهم بعضًا في القول والفعل، فأشر وبطر قولهم، ومرُّ خبيث فعلهم، تركوا باطن العمل بلا تصحيح فحرمهم الله تعالى بذلك الثمن الرَّبيح.
واعلم يا أخي: أنه لا يجزي من العمل القول، ولا من البذل العدةُ، ولا من التقوى ولا من التوقّي التلاوُم.
وقد صرنا في زمان هذه صفة أهله فمن كان كذلك فقد تعرّض للمقت وصُدّ عن سواء السبيل، وفقنا الله عزَّ وجل وإياك لما يحب ويرضى، انتهى. والله أعلم




ولما حضرت عامر بن قيس الوفاة بكى، وقال: إني لم أبك جزعًا من الموت ولا حرصًا على الدنيا؛ ولكن أبكي على عدم قضاء وطري من طاعة ربي وقيام الليل في أيام الشتاء.

وبكى أحد العباد عندما احتضر، وقال: ما تأسفي على دار الهموم والأنكاد والأحزان والخطايا والذنوب، وإنما تأسفي على ليلة نمتها ويوم أفطرته وساعة غفلت فيها عن ذكر الله.

ولما احتضر مسروق بن الأجدع بكى، فقيل له: ما هذا الجزع؟ قال: ما لي لا أجزع وإنما هي ساعة ولا أدري أين يسلك بي وبين يدي طريقان لا أدري إلى الجنة أم إلى النار .

قال بعضهم يوصي إخوانه:
إن الجنة لا تنال إلا بالعمل، اخلطوا الرغبة بالرهبة، وداومو على صالح الأعمال، والقوا الله بقلوب سليمة وأعمال صادقة من خاف أدلجْ.




اعلموا وفقنا الله وإياك وجميع المسلمين أن تقصير الأمل دليل على كمال العقل فسبيل العاقل تقصير آماله في الدنيا والتقرب إلى الله جل وعلا بصالح الأعمال.
ومعنى تقصير الأمل استشعار قرب الموت ولهذا قال بعضهم قصر الأمل سبب للزهد لأن من قصر أمله زهد، ويتولد من طول الأمل الكسل عن الطاعة والتسويف بالتوبة والرغبة في الدنيا والنسيان للآخرة والتساهل بتأخير قضاء الديون والقسوة في القلب.

قال سهل بن عبدالله: استجلبْ حلاوةَ الزُهد بقصر الأمل، واقطع أسباب الطمع بصحَّة اليأسِ، وتعرَّضْ لرقة القلب بمجالسة أهل الذكر.
واستفتحْ باب الحُزن بُطول الفكر، وتزيَّنْ لله بالصدق في كل الأحوال.
وإيَّاك والتَّسويف، فإنه يُغرقُ الهلكى، وإياك والغفلة فإن فيها سواد القلب، واستجلب زيادة النعم بعظيم الشكر.





وقال يحيى بنُ مُعاذ: عمل كالسراب، وقلبٌ من التقوى خراب، وذُنُوب بِعدد الرمل والتُراب، ثم تطمع في الكواعب الأتراب.
هيهات أنت سكرانٌ بغير شراب، ما أكملك لو بادرت أملك، ما أجلَّك لو بادرت أجَلَكَ، وما أقواك لو خالفت هواك.

اجعل مراقبتك لمن لا تغيب عن نظره إليك، واجعل شكرك لمن لا تنقطعُ نعمهُ عنك واجعل خضوعك لمن لا تخرجُ عن مُلكه.


قال ابن القيم: ومن تجريبات السَّالكين التي جرَّبُوْهَا فألفَوْهَا صحيةً أن من أدمنَ (أي أكثر) من قول: «يا حيُّ يا قيوم لا إله إلا أنت» أورثهُ ذلك حياة القلب والعقْل.

وكان شيخ الإسلام شديدَ اللَّهْج بها جدًا، وقال لهذين الاسمين وهما «الحي القيوم» تأثير عظيم في حياةِ القلْب.
وكأنَّه يُشير إلى أنهما الاسم الأعظم، وكان يقول: من واظب على أربعين مرة كل يوم بين سُنَّةِ الفجر وصلاة الفجر «يا حَيُّ يا قيوم لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث» حَصَلتَ لهُ حياةُ القلبِ ولم يمتْ قلبُه.





اللهم يا من لا تضره المعصية ولا تنفعه الطاعة أيقظنا من نوم الغفلة ونبهنا لاغتنام أوقات المهلة ووفقنا لمصالحنا واعصمنا من قبائحنا ولا تؤاخذنا بما انطوت عليه ضمائرنا وأكنته سرائرنا من أنواع القبائح والمعائب التي تعلمها منا، وأمنن علينا يا مولانا بتوبة تمحو بها عنا كل ذنب واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمدٍ وآله وصحبه أجمعين.




مصادرنا مستقاة من

1- إيقاظ أولى الهمم العالية إلى أغتنام الأيام الخالية
لـ الشيخ عبد العزيز السلمان

2- إغتنام الأوقات الباقيات الصالحات قبل هجوم هادم اللذات ومشتت الشمل ومفرق الجماعات
لـ الشيخ عبد العزيز السلمان

3- سلسلة في رحاب الدار الاخرة
لـ الشيخ محمد حسان

4- اللهم سلم
لـ عبد الملك القاسم

5- وصف النار وأسباب دخولها
لـ عبد الله بن جار الله الجار الله

6- نعيم الجنة
لـ راشد بن سعد الراشد



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بصمةالزوار
بارك الله فيكم