الاثنين، 14 فبراير 2011

فأعدوا لمثل هذا اليوم ..........سلسلة في رحاب الدار الآخرة (الميزان )










الميــــــزان

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باللـه من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا .
من يهده اللـه فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا إله إلا اللـه وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله
وكنا قد توقفنا فى اللقاء الماضى على أصناف الناس فقلنا بأن من الناس من يأخذ كتابه بيمينه ويحاسبه اللـه حساباً يسيراً ، ومن الناس من يأخذ كتابه بشماله وراء ظهره ويحاسبه اللـه حساباً عسيراً .
ومن الناس من يدخل مباشرة من غير حساب ولا عذاب .
هل يا ترى بانتهاء الحساب تنتهى أهوال القيامة ؟!!
كلا .. !! كلا .. !!
بل إذا انقضى الحساب أمر اللـه جلا وعلا أن ينصب الميزان فإن الحساب لتقرير الأعمال ، وإن الوزن لإظهار مقدارها ليكون الجزاء بحسابه وليظهر عدل اللـه للبشرية كلها فى ساحة الحساب فتوزن أعمال المؤمن لإظهار فضله ، وتوزن أعمال الكافر لإظهار خزيه وذله على رؤوس الأشهاد وما ربك بظلام للعبيد .
والآن نسأل ...
ما هو الميزان ؟!

ما الذى يوزن فيه ؟!!
ما هى الأعمال التى تثقل فى الميزان يوم القيامة ؟!!!


أولا ما هو الميزان
الميزان على صورته وكيفيته التى يوجد عليها الآن من الغيب الذى أمر الصادق المصدوق أن نؤمن به من غير زيادة ولا نقصان ، وهذه هى حقيقة الإيمان ولقد نقل الحافظ ابن حجر رحمه اللـه إجماع أهل السنة على : الإيمان بالميزان وأن الميزان له لسان وكِـَـفتان - بكسر الكاف وفتحها واللغتان صحيحتان - وأن أعمال العباد توزن به يوم القيامة .

وقال الإمام بن أبى العز الحنفى فى شرح العقيدة الطحاوية المشهورة قال: " والذى دلت عليه السنة أن الميزان الذى توزن به الأعمال يوم القيامة له كفتان حسيتان مشاهدتان "
أيها المسلم لا يعلم حقيقة الميزان وطبيعة الميزان وكيفية الميزان إلا الملك الرحمن ، وإلا فهل تستطيع أن تتصور ميزانا يوضع فى يوم القيامة يقول فيه المصطفى : (( لو وزنت فيه السموات والأرض لوزنها )) .





كيف تصور هذا الميزان ؟!
ففى الحديث الذى رواه الحاكم فى المستدرك وصححه على شرط مسلم وأقر الحاكم الذهبى بل وصحح إسناد الحديث الألبانى فى السلسلة الصحيحة من حديث سلمان الفارسى أن الحبيب النبى قال : (( يوضع الميزان يوم القيامة فلو وزن فيه السموات والأرض لوزنهما ، فإذا رأته الملائكة قالت : يارب لمن يزن هذا ؟‍ قال : لمن شئت من خلقى ، فتقول الملائكة : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ))‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ .
لقد عرفت الملائكة أنها ما عبدت الرحمن حق عبادته من شدة الهول والرعب ، فإن مشهد الميزان من أرهب مشاهد القيامة فالميزان حق ، قال جل وعلا { وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ }الأنبياء

بين اللـه تعالى أنه يضع الموازين بالقسط ( أى بالعدل ) وكفى باللـه جل وعلا حسيبا ، والراجح من أقول أهل العلم أن الميزان يوم القيامة ميزان واحد .
فما جوابك على الجمع فى قوله تعالى { ونضع الموازين } الراجح من أقوال العلماء أن الجمع فى الآية باعتبار تعدد الأوزان أو الموزون ، لأن الميزان يوزن فيه أشياء كثيرة ، وبين الملك العدل أنا الميزان إن ثقل لو بحسنة واحدة فقد سعد صاحبها سعادة لا يشقى بعدها أبداً ، وإن خف الميزان ولو بسيئة واحدة فقد شقى صاحبه شقاوة لا يسعد بعدها أبداً
قال جل وعلا : { فَإذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ(101)فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(102)وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ(103)تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } المؤمنون

انظر إلى دقه عدل الملك من ثقل ميزانه لو بحسنة واحدة سعد سعادة لا شقاوة بعدها أبداً ، ومن خف ميزانه شقى شقاوة لا سعادة بعدها أبداً ، أما من استوت موازينه ، أى استوت حسناته مع سيئاته ، فهو على الراجح من أقوال العلماء من أهل الأعراف الذين قصرت بهم سيئاتهم فلم يدخلوا الجنة ومنعتهم حسناتهم من أن يدخلوا النار ، يحبسون على قنطره بين الجنة والنار ، إذا التفت أهل الأعراف إلى أهل الجنة سلموا عليهم { سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ } الأعراف
أى لم يدخلوا أهل الأعراف الجنة وهم يرجون رحمه اللـه ، ويطمعون أن يدخلوا الجنة ، وإذا التفتوا إلى الناصية الأخرى ورأوا أهل الجحيم تضرعوا إلى الملك العليم ألا يجعلهم مع القوم الظالمين .
قال جل وعلا : { وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ(46)وَإذا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَالَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } الأعراف

إذا أيها المسلم الموحد حرى بك إذا ما تعرفت على أقسام الموازين الثلاثة ألا تحتقر أى عمل صالح ولو قل ، وألا تستهين بمعصية واحدة ولو صغيرة ، فأعلم أنه بحسنة واحدة يثقل الميزان وبسيئة واحدة يخف الميزان ، بل بكلمة واحدة نقاد إلى رضا الرحمن ، وبكلمة واحدة ننال سخط الجبار .




فى الصحيحين من حديث أبى هريرة أن النبى قال :
(( إن العبد ليتكلم بكلمة من رضوان اللـه لا يلقى لها بالاً يرفعه اللـه بها فى الجنة ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط اللـه لا يلقى لها بالاً فيهوى بها فى جهنم )) .
فى صحيح مسلم من حديث أبى ذر أن النبى قال :
(( لا تحقرن من المعروف شيئا ولو تلقى أخاك بوجه طلق ))
فى الصحيحين من حديث أبى هريرة :
(( إن امرأة بغياً رأت كلباً فى يوم حار يطوف ببئر ، قد أدلع لسانه من العطش ، فنزعت له بموقها ( أى أنها استقت له من البئر ، والموق هنا هو الخف ) فغُفِر لها ))
كانت الرحمة بالكلاب تغفر الخطايا للبغايا فكيف تصنع الرحمة بمن وحد رب البرايا ؟!
نعم نحتاج إلى رحمه ، نحتاج إلى رفق ، فالرحمة والرفق لا يهدمان ولا يفسدان أبداً ، والشدة والعنف يهدمان ويفسدان ، هذه سنة اللـه فى خلقه ، ما كان الرفق فى شىء إلا زانه وما نزع الرفق من شئ إلا شانه
فى الصحيحين من حديث عدى بن حاتم يقول :
(( اتقوا النار ، ولو بشق تمره )) .
فقد ينجو العبد من النار بشق تمرة ، فإن ثقل الميزان بحسنة سعد العبد بعدها سعادة لا شقاوة بعدها أبداً ، وإن خف الميزان ولو بسيئة شقى العبد شقاوة لا سعادة بعدها أبداً ، وإن تساوت الموازين فهو من أهل الأعراف والراجح من أقوال أكثر أهل العلم أن اللـه جل وعلا يتغمدهم برحمته فيدخلهم الجنة .


 

ثانياً : ما الذى يوزن فى الميزان ؟‍‍
اختلف أهل العلم فى الجواب على هذا السؤال على ثلاثة أقوال
القول الأول
إن الذى يوزن فى الميزان هو الأعمال ذاتها - أى أعمال العبد من صلاة وصيام وزكاة وحج وعمرة وبر وصدقة وغير ذلك من الطيبات الصالحات .
أبى هريرة رضى اللـه عنه أن النبى قال :
(( كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان فى الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن هما : سبحان اللـه وبحمده سبحان اللـه العظيم ))
حديث أبى الدرداء رضى اللـه عنه أن النبى قال :
(( ما من شىء أثقل فى ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق))
حديث أبى أمامه الباهلى يقول الصادق المصدوق :
(( اقرؤوا القرآن فإنه يأتى يوم القيامة شفيعاً لأصحابه ، اقرؤوا الزهراوين : البقرة وآل عمران ، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غايتان أو كأنهما فرقان من طيرصواف ، تحجان عن صاحبهما اقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركه وتركها حسره ولا تستطيعها البطله ( السحرة ) ))
وفى صحيح مسلم يقول المصطفى : (( يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به فى الدنيا ، تقدمه سورة البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان سوداوان بينهما شرق أو كأنهما فرقان من طيرصواف تحاجان عن صاحبهما ))
كل هذه أدلة من السنة الصحيحة على أن الأعراض تتحول يوم القيامة إلى أجسام
فكيف لعقلك أن يدرك الذات الإلهية ؟!


لا تكيف ولا تمثل ولا تعطل ولا تشبه ، فعالم الآخرة ليس كعالم الدنيا ، الظلم عين الظلم أن نحكم عالم الآخرة الغيبى وقوانينه بعالم الدنيا وقوانينه وهو عالم حسى ، فاللـه سبحانه بقدرته يحول الأعراض إلى أجسام توضع فى الميزان ، يثقل الميزان ويخف بحسب الحسنات والسيئات بل أخبرنا الصادق أيضاً : أن العمل يأتى لصاحبه فى القبر على هيئة رجل
والحديث رواه أحمد فى مسنده وأبو داود والنسائى والحاكم والترمذى وابن حبان وغيرهم وصحح الحديث ابن القيم وأطال النفس فى الرد على من أعل الحديث وصحح الحديث الألبانى من حديث البرء بن عازب رضى اللـه عنه وفيه أن النبى ذكر العبد المؤمن إذا وضع فى قبره فقال : (( ويأتيه ملكان فيجلسان ويقولان له : من ربك؟ ، فيقول : ربى اللـه ، ما دينك؟ فيقول : الإسلام ، فيقولان : ما هذا الرجل الذى بعث فيكم؟ فيقول: محمد ، فيقولان : ما علمك؟ فيقول : قرأت كتاب اللـه وأمنت به وصدقت ، فينادى منادى من السماء فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة ، وافتحوا له باب من الجنة يأتيه من روحها وطيبها ، ويفسح له قبره مد البصر ، ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول صاحب القبر له : من أنت؟ فوجهك الوجه الذى يجىء بالخير ، فيقول: أبشر بالذى يسرك هذا يومك الذى كنت توعد وأنا عملك الصالح)).



وقال المصطفى عن الكافر : (( ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول : هه .. هه .. لا أدرى ، من نبيك؟ فيقول : هه.. هه .. لا أدرى ، ما دينك؟ فيقول : هه .. هه .. لا أدرى ، فينادى مناد من السماء أن كذب عبدى فافرشوا له فراشاً من النار وألبسوه لباساً من النار ، وافتحوا له باب من النار يأتيه من روحها وسمومها ثم يضيق عليه قبره فتختلف أضلاعه ، ويأتيه رجل أسود الوجه قبيح المنظر نتن الريح فيقول : من أنت؟ فوجهك الذى يأتى بشر ، فيقول : أبشر بالذى يسؤك أنا عملك الخبيث ))



القول الثانى
قالوا بل إن الذى يوزن فى الميزان هو العامل وليس الأعمال .
حديث أبى هريرة أن النبى قال :
(( إنه ليأتى الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند اللـه جناح بعوضه ، وقال : اقرؤوا { فلا نقيم له يوم القيامة وزنا } ))
رجل سمين عظيم منتفخ منتفش يأتى يوم القيامة فيوضع فى الميزان فلا يزن عند اللـه جناح بعوضة ، إذ أن الموازين إذا وضعت فيها العباد لا تخف ولا تثقل بحسب ضخامة الأبدان وكثرة الشحم والدهن إنما تخف وتثقل بحسب الحسنات والسيئات ، ألم أقل لك عين الظلم أن نحكم قوانين الدنيا فى قوانين الآخرة وفى عالم الآخرة ، وفى المقابل يأتى بساقين ضعيفتين لرجل نحيف ضعيف فإن وضعتا فى الميزان فى كفة ، وجبل أحد فى كافة أخرى لرجحت كافة هذا الرجل ، من هو ؟!!
إنه عبد اللـه بن مسعود رضى اللـه عنه ، إنه رجل ضعيف البنية قوى الإيمان رجل خفيف الجسم ثقيل الأعمال ، يقول المصطفى والحديث تفرد به الإمام أحمد فى مسنده بسند جيد قوى كما قال الحافظ بن كثير وغيره ، يقول على بن أبى طالب رضى اللـه عنه : " صعد ابن مسعود رضى اللـه عنه يوماً على شجرة آراك يجنى سواك فجعلت الريح تكفأه فضحك القوم ، فقال المصطفى : (( مما تضحكون )) قالوا : نضحك من دقة ساقيه يا رسول اللـه فقال المصطفى : (( والذى نفس بيده لهما أثقل فى الميزان من جبل أحد ))
هذه أدله أصحاب القول الثانى ممن قالوا بأن الذى يوزن فى الميزان هو العبد




القول الثالث
قالوا بل إن الذى يوزن فى ميزان العبد يوم القيامة هو الصحف .
واستدلوا على ذلك أيضا بحديث صحيح رواه أحمد فى مسنده والحاكم فى المستدرك وصححه على شرط الشيخين وأقره الذهبى ورواه ابن حبان وأبو داود وغيرهم وصحح الحديث شيخنا الألبانى من حديث عبد اللـه بن عمر رضى اللـه عنهما أن النبى قال :
(( إن اللـه تعالى سيخلص رجلاً من أمتى يوم القيامة على رؤوس الخلائق فينشر عليها تسعه وتسعون سجلاً كل سجل مثل مد البصر ثم يقول : أتنكر من هذا شيئا ؟ أظلمك كتبتى الحافظون ؟ فيقول : لا يارب فيقول : ألك عذر ؟ فيقول : لايارب فيقول اللـه جل وعلا : بلى إن لك عندنا حسنه ، لا ظلم اليوم فتخرج له بطاقة فيها : أشهد أن لا إله إلا اللـه وأشهد أن محمد رسول اللـه ، فيقول : احضر وزنك ، فيقول : يارب ما تفعل هذه البطاقة مع هذه السجلات ، فيقول : إنك لا تظلم ، فوضعت السجلات فى كفة والبطاقة فى كفة ، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل مع اسم اللـه شىء))


القول الراجح واللـه أعلى وأعلم أن الأعمال والعامل والصحف كل ذلك يوضع فى الميزان يوزن العامل بأعماله وبصحفه وهذا ما رجحه صاحب القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول فى التوحيد .


ثالثاً : ما هى الأعمال التى تثقل الميزان يوم القيامة ؟‍‍‍‍‍‍

من أعظم الأعمال التى تثقل الميزان يوم القيامة كما قال المصطفى حسن الخلق ففى الحديث الذى خرجته فى أول اللقاء من حديث أبى الدرداء أن النبى قال :
(( ما من شىء أثقل فى ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق وإن اللـه يبغض الفاحش البذىء ))

أين أخلاق الإسلام ؟!! أين أخلاق محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام ؟!!
أين الصدق ؟! أين الإخلاص ؟! أين الرفق ؟! أين الحلم ؟! أين العفو ؟! أين البر ؟! أين الحياء ؟! أين الرجولة ؟! أين الشهامة ؟! أين الكرامة ؟!
ما أحوجنا إلى محاسن الخلق ما أحوجنا إلى مكارم الأخلاق لقد نجح المصطفى r فى أن يقيم للإسلام دولة من فتات متناثرة وسط صحراء تموج بالكفر موجاً ، فإذا دولة الإسلام بناء شامخ لا يطاوله بناء ، نجح المصطفى فى ذلك يوم أن طبع عشرات الآلاف من النسخ من المنهج التربوى الإسلامى العظيم ، ولكنه لم يطبعها بالحبر على صحائف الأوراق ، وإنما طبعها على صحائف القلوب بمداد من النور ، فحول أصحاب النبى المنهج الأخلاقى الإسلامى إلى واقع عملى يتألق سمواً وروعةً وجلالاً فى دنيا البشر أذهل البشرية إن أعظم حجر يقف الآن فى سبيل الإسلام فى الشرق والغرب هو أخلاق المسلمين إلا من رحم اللـه ، فإن الرجل فى الشرق والغرب ينظر إلى المسلمين هناك فيرى المسلم يزنى ويشرب الخمر ويبيع الخنزير ولا يحافظ على الصلوات ، فينظر الرجل إلى المسلم الذى يغنى بالإسلام فلا يرى أنه يفوقه خلقاً ، فالحجر العاثر والعقبة الكئود فى طريق الزحف الإسلامى فى الشرق والغرب هو أخلاقنا إلا من رحم اللـه .
نسأل اللـه أن يجعلنا جميعا ممن رحم ، ولذلك يقول المصطفى :
(( ما من شىء أثقل فى ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق ))
أخبر الصادق المصدوق r كما فى الحديث الذى رواه أبو داود وابن حبان وغيرهما من حديث عائشة بسند صحيح قال المصطفى :
(( إن العبـد الـمـؤمــن ليـــدرك بحســن خلقـه درجة الصائم القائـــم ))

وهؤلاء أصحاب الأخلاق العليا من أقرب الناس إلى رسول اللـه يوم القيامة قال المصطفى (( إن من أحبكم إلىّ وأقربكم منى مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقا)) .
ومن أعظم الأعمال التى تثقل الميزان يوم القيامة أيضاً (( الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان اللـه والحمد لله تملأن ما بين السماء والأرض))
يقـول المصطفى ؟! يقول : (( لأن أقول سبحان اللـه والحمد لله ولا إله إلا اللـه واللـه أكبر أحب على ممن طلعت عليه الشمس )) .
يقول المصطفى : (( من قال سبحان اللـه وبحمده فى يوم مائة مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بصمةالزوار
بارك الله فيكم