الجمعة، 26 أغسطس 2011

نفحات رمضانية " هدى السلف الصالح في رمضان "










هدي السلف في رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

لقد خص الله شهر رمضان عن غيره من الشهور بكثير
من الخصائص والفضائل منها:

- خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.

- تستغفر الملائكة للصائمين حتى يفطروا.

- يزين الله في كل يوم جنته ويقول: يوشك عبادي الصالحون
أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ثم يصيروا إليك.

- تصفد فيه الشياطين.

- تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار.

- فيه ليلة القدر هي خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم الخير كله.

- يغفر للصائمين في آخر ليلة من رمضان.

- لله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة من رمضان.



هذه هي خصائص وفضائل شهر رمضان
وعلى العبد الصالح ان يستقبله بالتوبة النصوح، والعزيمة الصادقة على اغتنامه،
وعمارة أوقاته بالأعمال الصالحة
سوف نذكر هنا نماذج من حياة السلف الصالح في شهر رمضان المبارك

كان عمر بن الخطاب يصلي من الليل ما شاء الله حتى إذا كان نصف الليل
أيقظ أهله للصلاة، ثم يقول لهم الصلاة الصلاة..
ويتلو: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ
وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى
[طه:132]

وكان ابن عمر يقرأ هذه الآية: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً
وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ
[الزمر:9].

قال ابن عمر عن كثرة صلاة أمير المؤمنين عثمان بالليل
وقراءته حتى أنه ربما قرأ القرآن في ركعة.

وعن علقمة بن قيس قال: ( بت مع عبدالله بن مسعود ليلة فقام أول الليل
ثم قام يصلي، فكان يقرأ قراءة الإمام في مسجد حيه يرتل ولا يراجع،
يسمع من حوله ولا يرجع صوته، حتى لم يبق من الغلس إلا كما بين أذان
المغرب إلى الانصراف منها ثم أوتر.

وفي حديث السائب بن زيد قال: ( كان القارئ يقرأ بالمئين
- يعني بمئات الآيات - حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام قال:
وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر ).





أن للصدقة في رمضان مزية وخصوصية فلنبادر إليها ونحرص على آدائها :

أ ـ إطعام الطعام:
قال الله تعالى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (8)
إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً (9)
إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (10)
فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (11)
وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً
[الإنسان:8-12]

وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم
منهم عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما، وداود الطائي ومالك بن دينار،
وأحمد بن حنبل، وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين،
وربما علم أن أهله قد ردوهم عنه فلم يفطر في تلك الليلة.

وكان من السلف من يطعم إخوانه الطعام وهو صائم ويجلس بخدمهم ويروّحهم…
منهم الحسن وابن المبارك.

قال أبو السوار العدوي: ( كان رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد،
ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده، إن وجد من يأكل معه أكل،
وإلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس وأكل الناس معه ).




وعبادة إطعام الطعام، ينشأ عنها عبادات كثيرة منها:
التودد والتحبب إلى إخوانك الذين أطعمتهم فيكون ذلك سبباً في دخول الجنة:
{ لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا }.
كما ينشأ عنها مجالسة الصالحين واحتساب الأجر في معونتهم على الطاعات
التي تقووا عليها بطعامك.


الاجتهاد في قراءة القرآن:
سأذكركم هنا بأمرين عن حال السلف الصالح:
أ ـ كثرة قراءة القرآن.
ب ـ البكاء عند قراءته أو سماعه خشوعاً وإخباتاً لله تبارك وتعالى.

كثرة قراءة القرآن: شهر رمضان هو شهر القرآن،
فينبغي أن يكثر العبد المسلم من قراءته، وقد كان من حال السلف العناية
بكتاب الله، فكان جبريل يدارس النبي القرآن في رمضان،
وكان عثمان بن عفان يختم القرآن كل يوم مرة،
وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان كل ثلاث ليال،
وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، فكانوا يقرءون القرآن في الصلاة
وفي غيرها، فكان للشافعي في رمضان ستون ختمة، يقرؤها في غير الصلاة،
وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث،
وفي العشر الأواخر في كل ليلة، وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر
من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف،
وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن.

البكاء عند تلاوة القرآن:
لم يكن من هدي السلف هذّ القرآن هذّ الشعر دون تدبر وفهم،
وإنما كانوا يتأثرون بكلام الله عز وجل ويحركون به القلوب.
ففي البخاري عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله :
{ اقرأ علي }، فقلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟! فقال:
{ إني أحب أن أسمعه من غيري } قال فقرأت سورة النساء حتى إذا بلغت:
فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً
[النساء:41]
قال: { حسبك }، فالتفت فإذا عيناه تذرفان.

وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: لما نزلت: أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ
[النجم:60،59]
فبكى أهل الصفة حتى جرت دموعهم على خدودهم، فلما سمع رسول الله حسهم
بكى معهم فبكينا ببكائه. قال رسول الله :
{ لا يلج النار من بكى من خشية الله }

وقد قرأ ابن عمر سورة المطففين حتى بلغ: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
[المطففين:6]
فبكى حتى خر، وامتنع من قراءة ما بعدها.

وعن مزاحم بن زفر قال: صلى بنا سفيان الثوري المغرب فقرأ حتى بلغ:
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
[الفاتحة:5]
بكى حتى انقطعت قراءته، ثم عاد فقرأ الحمد.

وعن إبراهيم بن الأشعث قال: ( سمعت فضيلا يقول ذات ليلة وهو يقرأ سورة محمد،
وهو يبكي ويردد هذه الآية: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ
وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ
[محمد:31]
وجعل يقول: ونبلو أخباركم، ويردد وتبلوا أخبارنا، إن بلوت أخبارنا
فضحتنا وهتكت أستارنا، إنك إن بلوت أخبارنا أهلكتنا وعذبتنا، ويبكي ).




الاعتكاف:
كان النبي يعتكف في كل رمضان عشرة أيام؛ فلما كان العام
الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً
[أخرجه البخاري].

فالاعتكاف من العبادات التي تجمع كثيراً من الطاعات
من التلاوة والصلاة والذكر والدعاء وغيرها.

8 ـ تحري ليلة القدر: قال الله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)
وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ
[القدر:1-3]

وقال : { من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه }
[أخرجه البخاري ومسلم].

وورد عن بعض السلف من الصحابة والتابعين والاغتسال والتطيب
في ليالي العشر تحرياً لليلة القدر التي شرفها الله ورفع قدرها.

وعن عائشة قالت: يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر ما أقول؟ قال:
{ قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني }
[رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني]

فهيا بنا لنشمر عن سواعدنا ونحي ليالي رمضان المتبقية
في الطاعة والعبادة
ولـ نحذوا حذوا سلفنا الصالح
لـ نخرج من رمضان بمن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
" من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه "
متفق عليه .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بصمةالزوار
بارك الله فيكم