الاثنين، 14 نوفمبر 2011

ღღ الأناشيد الإسلامية هل كانت نفسها موجودة في عصر السلف الصالح ღღ














جاءت النصوص الصحيحة الصريحة بدلالات متنوعة على إباحة الإنشاد إنشاد الشعر واستماعه ،والنشيد في اللغة العربية : رفع الصوت بالشعر مع تحسين وترقيق .
 ولقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام رضوان الله عليهم قد سمعوا الشعر وأنشدوه واستنشدوه من غيرهم ، في سفرهم وحضرهم ، وفي مجالسهم وأعمالهم ، بأصوات فردية كما في إنشاد حسان بن ثابت وعامر بن الأكوع وأنجشة رضي الله عنهم ، وبأصوات جماعية كما في حديث أنس رضي الله عنه في قصة حفر الخندق ، قال : فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بنا من النصب والجوع قال :
" اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة * فاغفر للأنصار والمهاجرة "
فقالوا مجيبين :
نحن الذين بايعوا محمدا  *  على الجهاد ما بقينا أبدا
رواه البخاري
ولقد أخرج ابن أبي شيبة بسند حسن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : " لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منحرفين ولا متماوتين ، كانوا يتناشدون الأشعار في مجالسهم ، وينكرون أمر جاهليتهم ، فإذا أريد أحدهم عن شيء من دينه دارت حماليق عينه "  
فهذه الأدلة تدل على أن الإنشاد جائز ، سواء كان بأصوات فردية أو جماعية
ولكن ما وصل إليه النشيد في الوقت الحالي من مشابهة الأغاني الفاسقة والماجنة من ترقيق الصوت والتغني والفيدوهات والكليبات والمعازف والموسيقى وايضا المؤثرات الصوتية  التي اصبحت جزء لا يتجزؤ  من النشيد  بل انه اصبح اهم عناصر النشيد وحتى اصبح اهم من العبارات ولو لاحظنا أن الاناشيد سابقا كانت تحمل معاني إيمانية وجهادية أو علمية او وعظية او حكم وعبر بينما في الوقت الحالي تغيرت تماما وإن العلماء لا ينكرون النشيد من حيث الأصل وإنما إنكارهم لما أُدخل عليه من مخالفات
 
يقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
"
أما ما تسمونه بالأناشيد الإسلامية : فقد أُعطي أكثر مما يستحق من الوقت ، والجهد ، والتنظيم ، حتى أصبح فنّاً من الفنون ، يحتل مكاناً من المناهج الدراسية ، والنشاط المدرسي ، ويقوم أصحاب التسجيل بتسجيل كميات هائلة منه للبيع والتوزيع ، حتى ملأ غالب البيوت ، وأقبل على استماعه كثير من الشباب والشابات ، حتى شغل كثيراً من وقتهم ، وأصبح استماعه يزاحم تسجيلات القرآن الكريم ، والسنَّة النبوية ، والمحاضرات ، والدروس العلميَّة المفيدة ".
" البيان لأخطاء بعض الكتاب ".
وقال الشيخ الألباني – رحمه الله - :
"
وإني لأذكر جيِّداً أنني لما كنت في دمشق - قبل هجرتي إلى هنا عمَّان - بسنتين أنّ بعض الشباب المسلم بدأ يتغنى ببعض الأناشيد السليمة المعنى ، قاصداً بذلك معارضة غناء الصوفية بمثل قصائد البوصيري وغيرها ، وسجَّل ذلك في شريط ، فلم يلبث إلاّ قليلاً حتى قرن معه الضرب على الدف ! ثم استعملوه في أوّل الأمر في حفلات الأعراس ، على أساس أنّ الدف جائز فيها ، ثم شاع الشريط ، واستنسخت منه نسخ ، وانتشر استعماله في كثير من البيوت ، وأخذوا يستمعون إليه ليلاً نهاراً ، بمناسبة وبغير مناسبة ، وصار ذلك سلواهم وهجيراهم ! وما ذلك إلاّ من غلبة الهوى والجهل بمكائد الشيطان ، فصرفهم عن الاهتمام بالقرآن ، وسماعه ، فضلاً عن دراسته ، وصار عندهم مهجوراً كما جاء في الآية الكريمة – أي : قوله تعالى : ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً ) الفرقان/30 – ". " تحريم آلات الطرب ".


ومن أقوال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في الأناشيد

1. قال رحمه الله :
"
أرى الأناشيد الإسلامية تغيرت عن مجراها سابقاً ، كانت بأصواتٍ غير فاتنة ، لكنها صارت الآن بأصواتٍ فاتنة ، وأيضاً فخمت على أنغام الأناشيد الخبيثة الفاسدة ، وقالوا : إنها تصحبها الدف ، وهذا كله يقتضي أن الإنسان ينبغي أن يبتعد عنها ، لكن لو جاءنا إنسان ينشد أناشيد لها هدف ، وليس فيها شيءٌ من سفاسف الأمور ، وبصوته وحده بدون آلات لهو : هذا لا بأس به ، وقد كان حسان بن ثابت ينشد الشعر في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ".
" دروس وفتاوى الحرم المدني " .

2. وقال رحمه الله أيضاً - :
"
الأناشيد الإسلامية كثُرَ الكلام حولها ، وأنا لم أستمع إليها منذ مدة طويلةٍ ، وهي أول ما ظهرت كانت لا بأس بها ، ليس فيها دفوف ، وتُؤدَّى تأديةً ليس فيها فتنة ، وليست على نغمات الأغاني المحرمة ، لكن تطورت ، وصارَ يُسمع منها قرع يُمكن أن يكون دُفّاً ، ويمكن أن يكون غيرَ دُفٍّ ، كما تطورت باختيار ذوي الأصوات الجميلة الفاتنة ، ثم تطورت أيضاً حتى أصبحت تؤدَّى على صفة الأغاني المحرمة ، لذلك : أصبح في النفس منها شيء وقلق ، ولا يمكن للإنسان أن يفتي بأنها جائزة على كل حال ، ولا بأنها ممنوعة على كل حال ، لكن إن خلت من الأمور التي أشرت إليها : فهي جائزة ، أما إذا كانت مصحوبة بدُفٍّ ، أو كانت مختاراً لها ذوو الأصوات الجميلة التي تَفتِن ، أو أُدِّيَت على نغمات الأغاني الهابطة : فإنّه لا يجوز الاستماع إليها ".
" الصحوة الإسلامية ".


دعونا ننطرق الى ضوابط وشروط النشيد الجائز والغير مخالفة لـ تعاليم ديننا الحنيف
ضوابط وشروط النشيد الجائز :
ومن كلام العلماء والمشايخ الثقات يمكننا جمع الضوابط والشروط الشرعية التي يجب تحققها حتى يكون النشيد جائزاً ، ومن ذلك :
1. أن تخلو كلمات النشيد من الكلام المحرم والتافه .
2. أن لا يصاحب النشيد معازف أو آلات موسيقية ، ولم يُبح من المعازف إلا الدف للنساء في أحوال معينة .
3. أن تخلو من المؤثرات الصوتية التي تشبه صوت الآلات الموسيقية ؛ لأن العبرة بالظاهر والأثر ، وتقليد الآلات المحرمة لا يجوز ، وخاصة أن أثرها السيئ هو نفسه الذي تحدثه الآلات الحقيقية .
4. أن لا تكون الأناشيد ديدناً للمستمع ، وتستهلك وقته ، وتؤثر على الواجبات والمستحبات ، كتأثيرها على قراءة القرآن ، والدعوة إلى الله .
5. أن لا يكون المنشد امرأة أمام الرجال ، أو رجلاً فاتنا في هيئته أو صوته ، أمام النساء .
6. أن يتجنب سماع أصحاب الأصوات الرقيقة ، والمتكسرين في أدائهم ، والمتمايلين بأجسادهم ، ففي ذلك كله فتنة ، وتشبه بالفساق .
7. تجنب الصور التي توضع على أغلفة أشرطتهم ، وأولى من ذلك : تجنّب ظهورهم بالفيديو كليب المصاحب لأناشيدهم ، وخاصة ما يكون من بعضهم من حركات مثيرة ، وتشبه بالمغنين الفاسقين .
8. أن يكون القصد من النشيد الكلمات لا الألحان والطرب .
9. أن لا يكون بصوت النساء ، وأن لا يشتمل على كلام محرم أو فاحش .
وأن لا يشابه ألحان أهل الفسق والمجون .
10. وأن لا يكون ذا لحن يطرب وينتشي به السامع ويفتنه كالذين يسمعون الأغاني ، وهذا كثير في الأناشيد التي ظهرت هذه الأيام ، حتى لم يعد سامعوها يلتفتون إلى ما فيها من المعاني الجليلة لانشغالهم بالطرب والتلذذ باللحن



وهنا كلمات من أهل العلم والعلماء والشيوخ :1. قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وبالجملة قد عرف بالاضطرار من دين الإسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لصالحي أمته وعبَّادهم وزهَّادهم أن يجتمعوا على استماع الأبيات الملحنة مع ضرب بالكف أو ضرب بالقضيب أو الدف ، كما لم يُبح لأحدٍ أن يخرج عن متابعته واتباع ما جاء به من الكتاب والحكمة ، لا في باطن الأمر ولا في ظاهره ، ولا لعامي ولا لخاصي ،
ولكن رخص النبي صلى الله عليه وسلم في أنواع من اللهو في العرس ونحوه ، كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح .
وأما الرجال على عهده : فلم يكن أحد منهم يضرب بدف ، ولا يصفق بكف
، بل قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال : ( التصفيق للنساء ، والتسبيح للرجال ) و ( لعن المتشبهات من النساء بالرجال ، والمتشبهين من الرجال بالنساء ) .
ولما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النساء : كان السلف يسمُّون من يفعل ذلك من الرجال مخنَّثاً ، ويسمُّون الرجال المغنين مخانيثاً ، وهذا مشهور في كلامهم " انتهى " مجموع الفتاوى".
2. وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" الأناشيد الإسلامية تختلف ، فإذا كانت سليمة ليس فيها إلا الدعوة إلى الخير ، والتذكير بالخير ، وطاعة الله ورسوله ، والدعوة إلى حماية الأوطان من كيد الأعداء ، والاستعداد للأعداء ونحو ذلك : فليس فيها شيء ، أما إذا كانت فيها غير ذلك من دعوة إلى المعاصي ، واختلاط النساء بالرجال ، أو تكشف عندهم ، أو أي فساد : فلا يجوز استماعها " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز ".
3. وقال – أيضاً رحمه الله : " الأناشيد الإسلامية مثل الأشعار ؛ إن كانت سليمة : فهي سليمة ، وإن كانت فيها منكر : فهي منكر ... والحاصل أن البَتَّ فيها مطلقاً ليس بسديد ، بل يُنظر فيها ؛ فالأناشيد السليمة : لا بأس بها ، والأناشيد التي فيها منكر ، أو دعوة إلى منكرٍ : منكرةٌ " انتهى " شريط أسئلة وأجوبة الجامع الكبير " .
4. وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" ويجوز لك أن تستعيض عن هذه الأغاني بأناشيد إسلامية ، فيها من الحكم ، والمواعظ ، والعبر ما يثير الحماس والغيرة على الدين ، ويهز العواطف الإسلامية ، وينفر من الشر ودواعيه ، لتبعث نفس من ينشدها ، ومن يسمعها إلى طاعة الله ، وتنفر من معصيته تعالى وتعدي حدوده إلى الاحتماء بحمى شرعه ، والجهاد في سبيله ، لكن لا يتخذ من ذلك وِرْداً لنفسه يلتزمه ، وعادة يستمر عليها ، بل يكون ذلك في الفينة بعد الفينة عند وجود مناسبات ودواعٍ تدعو إليه كالأعراس والأسفار للجهاد ونحوه ، وعند فتور الهمم لإثارة النفس والنهوض بها إلى فعل الخير ، وعند نزوع النفس إلى الشر وجموحها لردعها عنه وتنفيرها منه " انتهى .
5. وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
"
بل قد يكون في هذا – [ أي : الأناشيد ] - آفةٌ أخرى ، وهي أنّها قد تُلحَّن على ألحان الأغاني الماجنة ، وتوقع على القوانين الموسيقية الشرقية والغربية التي تطرب السامعين وترقصهم ، وتخرجهم عن طورهم ، فيكون المقصد هو اللحن والطرب ، وليس النشيد بالذات ، وهذه مخالفة جديدة ، وهي التشبه بالكفار والمجّان ، وقد ينتج من وراء ذلك مخالفة أخرى ، وهي التشبه بهم في إعراضهم عن القرآن وهجرهم إياه ، فيدخلون في عموم شكوى النبي صلى الله عليه وسلم من قومه ، كما في قوله تعالى : ( وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً ) " انتهى .
" تحريم آلات الطرب ".
6. وقال – أيضاً رحمه الله - :
" إذا كانت هذه الأناشيد ذات معانٍ إسلامية ، وليس معها شيء من المعازف ، وآلات الطرب كالدفوف والطبول ونحوِها : فهذا أمرٌ لا بأس به ، ولكن لابد من بيان شرطٍ مهم لجوازها ، وهو أن تكون خالية من المخالفات الشرعية ؛ كالغلوّ ، ونَحوِه ، ثم شرط آخر ، وهو عدم اتخاذها دَيدَناً ؛ إذ ذلك يصرِفُ سامعيها عن قراءة القرآن الذي وَرَدَ الحضُّ عليه في السُنَّة النبوية المطهرة ، وكذلك يصرِفُهُم عن طلب العلم النافع ، والدعوة إلى الله سبحانه " انتهى .



وقد يقولُ قائل: إن رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّم- لما استقبَله أهلُ المدينةِ استقبلوهُ بنشيدِ (طلع البدرُ علينا)؟
والجوابُ عن هذا: أنَّ هذه القصَّةَ غيرُ صحيحةٍ؛ بل ضعَّفها -لإعضالِها- العراقيُّ -عليهِ رحمةُ اللهِ.
وقد يقولُ آخرُ: لقد ثبتَ الحِداءُ؛ أنَّ بعضَ الصَّحابةِ كان يحدُو، والحِداءُ -هذا-: هو إنشادُ الشِّعرِ بألحانٍ على طريقةِ الأعراب.
فالجوابُ : أنَّ هذا الحداءَ كان لتنشيطِ سَيرِ الإبلِ، فأحدُهُم يَحدُو بهذِه الأبياتِ الشِّعريَّة -الملحَّنِ فيها-؛ لتنشيطِ الإبلِ والجِمال في سَيرِها.
 فسُبحانَ الله! نشيدٌ يتَّخذُ للإبلِ والبَقرِ؛ فما دَخلُنا نحن فيه ! وقد يقولُ قائلٌ ثالثٌ: كان الصَّحابةُ -رضيَ اللهُ-تَعالى-عنهُم- يَرتَجِزون؛ فعن أنسٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- قالَ: جَعل المُهاجِرون والأنصارُ يَحفرون الخندقَ، ويَنقُلون التُّرابَ وهُم يقولُون:
نحن الَّذينَ بايَعُوا محمَّدَا .. على الجِهادِ ما بَقينا أبدَا
يقولُ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّم-وهُو يُجيبُهم-: " اللَّهمَّ! لا عيشَ إلا عيشُ الآخرةِ؛ فاغفِرْ للأنصارِ والمُهاجِرةِ" متَّفقٌ عليه
وعن البراءِ -رضيَ اللهُ عنهُ- قال: "كان النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّم- ينقلُ التُّرابَ يومَ الخَندقِ حتَّى اغبرَّ بطنُه، يقولُ:
واللهِ لولا اللهُ ما اهتدَينا .. ولا تَصدَّقْنا ولا صَلَّينا
فأنزِلنْ سَكينـةً علينــا .. وثبِّتِ الأقدامَ إنْ لاقَينا
إنَّ الأُلى قد بَغَوا عَلَينـا .. إذا أرادُوا فِتنـةً أبَينــا
يرفع صوتَه: أبَيْنا أبَيْنا" متَّفقٌ عليه.
فجميع هذه الوقائعُ وغيرُها لا تَذكُر أنَّ الصَّحابةَ رضيَ اللهُ تَعالى عنهُم كانُوا يُنشِدون، ولا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّم كان يُنشدُ النَّشيدَ المطرَّبَ فيهِ؛ إنَّما كانُوا يُشعِرون هذه الأشعارَ، أشعارا و ليستْ بأناشيدَ، ومَن قال: هي أناشيد؛ فلْيأتِنا بالدَّليلِ، نحنُ ما رأيناهُم إلا يرتجِزون، والرَّجز: هو بيتٌ شِعريٌّ ينتهي صَدرُه كعَجُزِه.

إنَّ العُلماءَ الَّذين أجازُوا هذا النَّوعَ مِن الحداءِ للمؤمِنين، قالوا: يجوزُ إذا كان على طريقةِ الأعرابِ إذْ لا يُهيِّج ، لا على طريقةِ زمانِنا إذْ يُشعِرون أشعارًا يُطرِّبون فيها، يُحرِّكون الكامِنَ مِن النُّفوسِ في البشرِ؛ فهذا لم يُجيزوهُ عليهِم رَحمةُ اللهِ.
ومما يؤكد قولنا روايةُ السَّائبِ بن يزيدٍ، قال: بينا نحن مع عبدِ الرَّحمن بنِ عوفٍ رضيَ اللهُ عنهُ في طريقِ الحجِّ ونحنُ نؤمُّ مكَّة أي: نقصدُ مكَّة ، اجتنبَ عبدُ الرَّحمن بنُ عوفٍ رضيَ اللهُ عنهُ  الطَّريقَ، ثم قال لرباحِ بن المُغترِف: غنِّنا يا  أبا حسَّان ! وكان يحسنُ النَّصْبَ، قال البيهقيُّ: " والنَّصبُ: ضربٌ مِن أغاني العربِ، وهو يُشبهُ الحِداء"
قال: "فبينا رباحٌ يُغنِّيهم، أدركهُم عمرُ بن الخطَّاب رضيَ اللهُ عنهُ في خلافتِه ، سمع عمرُ بنُ الخطَّاب هذا الرَّجلَ يُنشدُ هذه الأناشيد، فقال: ما هذا؟ قال عبدُ الرَّحمن: يا أميرَ المؤمنين! ما بأسٌ بهذا، نلهو ونُقصِر، فقال عُمر: فإن كنتَ آخذًا؛ فعليكَ بشِعر ضِرار بن الخطاب" أخرجه البيهقي.
فهذا يفسِّر لنا أنَّ مَن أجاز من العلماء بعضَ التَّطريبِ في الكلامِ وفي الشِّعر؛ إنَّما أجازهُ على طريقةِ الأعرابِ الخَشِنة التي لا تدعو النُّفوسَ إلى التَّكسُّر والتَّغنُّج.
وإلى هذا الحُكمِ اشاد به كثير من العلماء هم  ابنُ عبد البرِّ، وابنُ الجَوزي، وابنُ القَيِّم، والشَّاطبيُّ، وابنُ رجبٍ، وابنُ الحاجِّ، وغيرُهم مِن العلماء، قالوا: (هذه الأناشيدُ التي عرفناها في أيَّامِنا مِن تَكسُّر في اللِّسان، وتميُّعٍ في الكَلام ولو كانت كلامًا صائبًا حَسَنًا؛ فإنَّها لم تكن معروفةً عند القومِ الأوَّلين(.



هل هذه الأناشيد تؤثر على تلاوة وسماع القران الكريم
يقول الشَّيخِ عبدِ المالِك رَمضاني في احد اشرطته
إنَّ اللهَ تبَارك وتَعالى لمَّا نهَى عن كلِّ أنواعِ الغناء في قولِه:
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَّشْتَرِي لَـهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ}
 قالوا:لهوُ الحديثِ الذي منعه اللهُ تَعالى إنَّما هو الذي يُضلُّ النَّاسَ عن سبيلِ الله؛
 فهذا الممنوع بنصِّ الآية.
وكان جواب الشيخ الجواب على هؤلاء: ما مِن نشيدٍ إلا وهو يُلهي النَّاسَ عن ذِكر الله، وكيف جعلهم يَصدُّون عن سبيلِ الله، أو يصدُّون عن القُرآنِ الكريم بالتَّغبير.
والحقيقةُ: أنَّ من جرَّب هذا؛ فقد أيقنَ أنَّه صحيح.
كم عرفتُ من الشَّباب مَن يحفظَ هذه الأناشيدَ، يحفظُها عن ظهرِ قلبٍ، يُنشدُها في مناسباتٍ شتَّى، فلقد رأيتُه -وربِّ الكعبةِ- يقومُ وهو يُنشدُ، يجلسُ وهو يُنشدُ، يتَّكئُ وهو يُنشدُ، في كلِّ حركاتِه وسَكَناتِه وهو يُنشدُ، وما يلتفتُ إلى القرآنِ الكريمِ إلا قليلًا!!
فهذه الأناشيدُ مَثَلُها كمَثَلِ الخمر؛ ولذلك عُدَّ الغناءُ كالخَمر؛ لأنَّها تجعل صاحبَها يطلبُها بكثرةٍ.
قال ابن تيميَّة -عليهِ رحمةُ اللهِ-: "ولهذا: تجدُ مَن أكثرَ مِن سَماعِ القصائدِ لطلبِ صَلاحِ قلبِه؛ تنقصُ رغبتُه في سماعِ القُرآن؛ حتى رُبَّما كرهَهُ!".
ولهذا: ذُكر لبعضِ العُلماء أصحابُ القصائدِ؛ فقال: (هؤلاء الفرَّارونَ مِن اللهِ -عزَّ وجلَّ-).
وحقيقةً: إنهم يفرُّون مِن الله عزَّ وجلَّ!
وأكثر مِن ذلك: فقد ورد عن عبدِ الله بن عمرو رضيَ اللهُ عنهُما: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّم- قال: "إنَّ مِن أشراطِ السَّاعة: أن تُرفَعَ الأشرارُ، وأنْ تُوضَع الأخيارُ، وأن يُفتحَ القولُ، وأن يُخزَن العَمل".
هذه شُرورٌ تظهرُ قبل قِيام السَّاعة: الأشرارُ مَرفوعُون، والأخيارُ مَوضوعون -أي: أنَّهم ذوُو قِيمةٍ هابطةٍ عند القومِ-.
وقال: "وأن يُفتحَ القولُ، وأن يُخزنَ العَمل": النَّاس يتكلَّمون أكثرَ مما يعملون.
"وأن يُقرأ في النَّاس بالمَثناة"، قالوا: وما المَثْناة؟ قال: "كتبٌ غيرُ كُتُبِ الله"  رواه الحاكمُ والطَّبرانيُّ وهو صحيح.
هذه مِن أشراطِ السَّاعة.
والشَّاهد في هذا الحديث: أنَّه سيُقرأ بالمَثناةِ في القَوم، سأل الصَّحابةُ: ما معنى المَثناة؟ فقال: "كتبٌ غير كتبِ الله"؛ أي: سيقرأُ الناسُ كُتبًا هي غيرُ كتب الله عزَّ وجلَّ، ويحفلون بها، ويَفرحون بها.
وما هذه الكُتب؟ قال الجوهريُّ عليهِ رحمةُ اللهِ : "المَثناةُ: الغِناء".


 
ويقول الشيخ العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله
لا ينبغي الاشتغال بالأناشيد ولا ينبغي الاهتمام بها
قال حفظه الله في جوابه عن سؤال عن حكم الأناشيد الإسلامية:(الإنسان عليه أن يشغل وقته فيما يعود عليه بالخير والنفع في الدنيا والآخرة، فيشتغله بذكر الله وقراءة القرآن وقراءة الكتب النافعة، وكذلك يطلع على الشعر الطيب الذي يدل على مكارم الأخلاق وعلى الآداب الطيبة، وأما هذه الاناشيد التي ظهرت في الآونة الأخيرة والتي يجتمع مجموعة وينشدون بصوت واحد وبترنم، ويسجل ذلك ثم ينشر، ويشتغل به كثير من الناس، فإن هذا لا ينبغي الاشتغال به ولا ينبغي الاهتمام به، لأن المهم هو المعاني الطيبة، وسماع الأمور الطيبة، أما عشق الأصوات، والحرص على الاستمتاع بالأصوات فإن هذا لا يليق ولا ينبغي).
ويقول سماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله
الأناشيد الإسلامية غير مشروعة
س/ ما حكم التصفيق للنساء في الأعراس عندما يصاحبها إنشاد الأناشيد الإسلامية؟
ج/ أولاً ما يسمى بالأناشيد الإسلامية واستعماله في حفلات الزواج هذا غير مشروع، فإن الإسلام دين جد و عمل، و ما يسمى بالاناشيد الإسلامية هذا استعمال للأذكار في غير محلها، ولا ينبغي للناس أن يستعملوا ما يسمى بالأناشيد لأن فيها أشياء من ذكر الله في هذا الحفل أو ما يصاحبها من تصفيق ونحو ذلك، فإن هذه الأناشيد والتصفيق وما يصاحبها من أخلاق الصوفية، والله جل وعلا قد قال عن المشركين ( وما كان صلاتهم عند المسجد الحرام إلا مكاء و تصدية).فالتصفيق مع هذه الأناشيد الإسلامية غير مشروعة لأنها عبارة عن غناء لكن منسوبة إلى الإسلام، ولا يصح هذا.

واختم بقول الشيخ العلاّمة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله
الواجب الحذر من هذه الأناشيد و منع بيعها و تداولها
قال الشيخ حفظه الله:ومما ينبغي التنبه عليه ما كثر تداوله بين الشباب المتدينيين من أشرطة مسجل عليها بأصوات جماعية يسمونها الأناشيد الإسلامية، وهي نوع من الاغاني وربما تكون بأصوات فاتنة وتباع في معارض التسجيلات مع أشرطة تسجيل القرآن والمحاضرات الدينية. وتسمية هذه الأناشيد بأنها (أناشيد إسلامية) تسمية خاطئة، لأن الإسلام لم يشرع لنا الأناشيد وإنما شرع لنا ذكر الله، وتلاوة القرآن والعلم النافع.أما الأناشيد الإسلامية فهي من دين الصوفية المبتدعة، الذين اتخذوا دينهم لهواً و لعبا، واتخاذ الاناشيد من الدين فيه تشبه بالنصارى، الذين جعلوا دينهم بالترانيم الجماعية والنغمات المطربة. فالواجب الحذر من من هذه الأناشيد، ومنع بيعها وتداولها، علاوة على ما قد تشتمل عليه هذه الأناشيد من تهييج الفتنة بالحماس المتهور، والتحريش بين المسلمين.و قد يستدل من يروج هذه الاناشيد بأن النبي صلى الله عليه وسلم كانت تنشد عنده الأشعار وكان يستمع إليها ويقرها، والجواب على ذلك:أن الأشعار التي تنشد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست تنشد بأصوات جماعية على شكل أغاني، ولا تسمى اناشيد إسلامية وإنما هي أشعار عربية، تشتمل على الحكم والأمثال، ووصف الشجاعة والكرم. و كان الصحابة رضوان الله عليهم ينشدونها أفرادا لأجل ما فيها من هذه المعاني، و ينشدون بعض الأشعار وقت العمل المتعب كالبناء، والسير في الليل في السفر، فيدل هذا على إباحة هذا النوع من الإنشاد في مثل هذه الحالات الخاصة، لا أن يتخذ فناً من فنون التربية والدعوة كما هو الواقع الآن، حيث يلقن الطلاب هذه الاناشيد، ويقال عنها (أناشيد إسلامية) أو (أناشيد دينية)، وهذا ابتداع في الدين، وهو من دين الصوفية المبتدعة، فهم الذين عرف عنهم اتخاذ الأناشيد ديناً.فالواجب التنبه لهذه الدسائس، ومنع بيع هذه الأشرطة، لأن الشر يبدأ يسيراً ثم يتطور و يكثر إذا لم يبادر بإزالته عند حدوثه.ليس هناك ما يسمى بالأناشيد الإسلامية في كتب السلف
س/ فضيلة الشيخ كثر الحديث عن الأناشيد الإسلامية، وهناك من أفتى بجوازها وهناك من قال إنها بديل للأشرطة الغنائية، فما رأي فضيلتكم؟
ج/ هذه التسمية غير صحيحة وهي تسمية حادثة فليس هناك ما يسمى بالأناشيد الإسلامية في كتب السلف ومن يعتقد بقولهم من أهل العلم، والمعروف أن الصوفية هم الذين يتخذون الأناشيد ديناً لهم، وهو ما يسمونه السماع.وفي وقتنا لما كثرت الأحزاب والجماعات صار لكل حزب أو جماعة أناشيد حماسية، قد يسمونا بالأناشيد الإسلامية، وهذه التسمية لا صحة لها، وعليه فلا يجوز اتخاذ هذه الأناشيد ولا ترويجها بين الناس، و بالله التوفيق.


هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم ورحمة الله

    بحث رائع وقيم ثمولة جزاكى الله خيرا

    ردحذف
  2. همسات وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    الاروع هو تواجدك وتعقيبك ياقمر
    وجزاك الله بالجنان
    ولا يحرمني منك ياعسل

    ردحذف

بصمةالزوار
بارك الله فيكم