المحطة التاسعة
بدع عاشوراء 




بدع عاشوراء
سُئِلَشَيْخُ الْإِسْلَامِ ابن تيمية رحمه الله عَمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَمِنْ الْكُحْلِ ,
وَالِاغْتِسَالِ , وَالْحِنَّاءِ وَالْمُصَافَحَةِ , وَطَبْخِالْحُبُوبِ وَإِظْهَارِ السُّرُورِ , وَغَيْرِ ذَلِكَ ..
فَهَلْ وَرَدَ فِي ذَلِكَعَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثٌ صَحِيحٌ ؟ أَمْ لَا ؟ وَإِذَا لَمْيَرِدْ حَدِيثٌ صَحِيحٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
فَهَلْ يَكُونُ فِعْلُ ذَلِكَبِدْعَةً أَمْ لَا ؟ وَمَا تَفْعَلُهُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مِنْ الْمَأْتَمِوَالْحُزْنِ وَالْعَطَشِ ,
وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النَّدْبِ وَالنِّيَاحَةِ ,وَقِرَاءَةِ الْمَصْرُوعِ , وَشَقِّ الْجُيُوبِ . هَلْ لِذَلِكَ أَصْلٌ ؟ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ:
الْحَمْدُلِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
لَمْ يَرِدْفِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلموَلا عَنْ أَصْحَابِهِ ,
وَلا اسْتَحَبَّ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَلا الأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ , وَلا غَيْرِهِمْ . وَلا رَوَى أَهْلُ الْكُتُبِالْمُعْتَمَدَةِ فِي ذَلِكَ شَيْئًا ,
لَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلموَلا الصَّحَابَةِ , وَلا التَّابِعِينَ , لا صَحِيحًا وَلا ضَعِيفًا , لا فِيكُتُبِ الصَّحِيحِ ,
وَلا فِي السُّنَنِ , وَلا الْمَسَانِيدِ , وَلا يُعْرَفُشَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ عَلَى عَهْدِ الْقُرُونِ الْفَاضِلَةِ .
وَلَكِنْرَوَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثَ مِثْلَ مَا رَوَوْا أَنَّمَنْ اكْتَحَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَرْمَدْ مِنْ ذَلِكَ الْعَامِ ,
وَمَنْاغْتَسَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَمْرَضْ ذَلِكَ الْعَامِ , وَأَمْثَالِ ذَلِكَ..
وَرَوَوْا فِي حَدِيثٍ مَوْضُوعٍ مَكْذُوبٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليهوسلم :
{ أَنَّهُ مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُعَلَيْهِ سَائِرَ السَّنَةِ }
. وَرِوَايَةُ هَذَا كُلِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلىالله عليه وسلم كَذِبٌ .
ثم ذكر رحمهالله ملخصا لما مرّ بأول هذه الأمة من الفتن والأحداث ومقتل الحسين رضي الله عنهوماذا فعلت الطوائف بسبب ذلك فقال :
فَصَارَتْطَائِفَةٌ جَاهِلَةٌ ظَالِمَةٌ : إمَّا مُلْحِدَةٌ مُنَافِقَةٌ , وَإِمَّاضَالَّةٌ غَاوِيَةٌ , تُظْهِرُ مُوَالَاتَهُ ,
وَمُوَالاةَ أَهْلِ بَيْتِهِتَتَّخِذُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ مَأْتَمٍ وَحُزْنٍ وَنِيَاحَةٍ , وَتُظْهِرُفِيهِ شِعَارَ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ لَطْمِ الْخُدُودِ ,
وَشَقِّ الْجُيُوبِ ,وَالتَّعَزِّي بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ .. فَكَانَ مَا زَيَّنَهُ الشَّيْطَانُلِأَهْلِ الضَّلَالِ وَالْغَيِّ مِنْ اتِّخَاذِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ مَأْتَمًا ,
وَمَا يَصْنَعُونَ فِيهِ مِنْ النَّدْبِ وَالنِّيَاحَةِ , وَإِنْشَادِ قَصَائِدِالْحُزْنِ , وَرِوَايَةِ الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا كَذِبٌ كَثِيرٌ وَالصِّدْقُفِيهَا لَيْسَ فِيهِ إلا تَجْدِيدُ الْحُزْنِ ,
وَالتَّعَصُّبُ , وَإِثَارَةُالشَّحْنَاءِ وَالْحَرْبِ , وَإِلْقَاءُ الْفِتَنِ بَيْنَ أَهْلِ الإِسْلامِ ,وَالتَّوَسُّلُ بِذَلِكَ إلَى سَبِّ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ ..
وَشَرُّهَؤُلَاءِ وَضَرَرُهُمْ عَلَى أَهْلِ الإِسْلامِ , لا يُحْصِيهِ الرَّجُلُالْفَصِيحُ فِي الْكَلامِ . فَعَارَضَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ إمَّا مِنْ النَّوَاصِبِالْمُتَعَصِّبِينَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ,
وَإِمَّا مِنْالْجُهَّالِ الَّذِينَ قَابَلُوا الْفَاسِدَ بِالْفَاسِدِ , وَالْكَذِبَبِالْكَذِبِ , وَالشَّرَّ بِالشَّرِّ , وَالْبِدْعَةَ بِالْبِدْعَةِ ,
فَوَضَعُواالْآثَارَ فِي شَعَائِرِ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَالِاكْتِحَالِوَالِاخْتِضَابِ , وَتَوْسِيعِ النَّفَقَاتِ عَلَى الْعِيَالِ ,
وَطَبْخِالْأَطْعِمَةِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْعَادَةِ , وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُفْعَلُفِي الْأَعْيَادِ وَالْمَوَاسِمِ , فَصَارَ هَؤُلاءِ يَتَّخِذُونَ يَوْمَعَاشُورَاءَ مَوْسِمًا كَمَوَاسِمِ الأَعْيَادِ وَالْأَفْرَاحِ .
وَأُولَئِكَيَتَّخِذُونَهُ مَأْتَمًا يُقِيمُونَ فِيهِ الْأَحْزَانَ وَالْأَتْرَاحَ وَكِلَا الطَّائِفَتَيْنِ مُخْطِئَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ السُّنَّةِ ,
وَإِنْ كَانَأُولَئِكَ أَسْوَأَ قَصْدًا وَأَعْظَمَ جَهْلًا , وَأَظْهَرَ ظُلْمًا .. وَلَمْيَسُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
وَلَا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ فِييَوْمِ عَاشُورَاءَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ , لا شَعَائِرَ الْحُزْنِوَالتَّرَحِ , وَلا شَعَائِرَ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ ..
وَأَمَّاسَائِرُ الْأُمُورِ : مِثْلُ اتِّخَاذِ طَعَامٍ خَارِجٍ عَنْ الْعَادَةِ , إمَّاحُبُوبٌ وَإِمَّا غَيْرُ حُبُوبٍ , أَوْ تَجْدِيدُ لِبَاسٍ وَتَوْسِيعُ نَفَقَةٍ ,
أَوْ اشْتِرَاءُ حَوَائِجِ الْعَامِ ذَلِكَ الْيَوْمِ , أَوْ فِعْلُ عِبَادَةٍمُخْتَصَّةٍ . كَصَلاةٍ مُخْتَصَّةٍ بِهِ , أَوْ قَصْدُ الذَّبْحِ , أَوْادِّخَارُ لُحُومِ الأَضَاحِيّ لِيَطْبُخَ بِهَا الْحُبُوبَ ,
أَوْ الاكْتِحَالُوَالاخْتِضَابُ , أَوْ الاغْتِسَالُ أَوْ التَّصَافُحُ , أَوْ التَّزَاوُرُ أَوْزِيَارَةُ الْمَسَاجِدِ وَالْمَشَاهِدِ , وَنَحْوُ ذَلِكَ , فَهَذَا مِنْ الْبِدَعِالْمُنْكَرَةِ ,
الَّتِي لَمْ يَسُنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلاخُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ , وَلا اسْتَحَبَّهَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِالْمُسْلِمِينَ لا مَالِكٌ وَلا الثَّوْرِيُّ ,
وَلا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , وَلاأَبُو حَنِيفَةَ , وَلا الأَوْزَاعِيُّ , وَلا الشَّافِعِيُّ , وَلا أَحْمَدُ بْنُحَنْبَلٍ , وَلا إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ ,
وَلا أَمْثَالُ هَؤُلاءِ مِنْأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ , وَعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ .. الفتاوى الكبرى لابنتيمية
وذكر ابنالحاج رحمه الله من بدع عاشوراء تعمد إخراج الزكاة فيه تأخيرا
أو تقديما وتخصيصهبذبح الدجاج واستعمال الحنّاء للنساء
: المدخل ج1 يوم عاشوراء