الأحد، 7 أبريل 2013

قصة هاجر وإسماعيل " سلسلة القصص النبوي "






روى البخاري في صحيحه
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :" 
أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لَتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ
وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا
فَقَالَتْ لَهُ آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَتْ إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا ثُمَّ رَجَعَتْ فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ
اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ رَبِّ  
إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ حَتَّى بَلَغَ يَشْكُرُونَ 
وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ
وَعَطِشَ ابْنُهَا وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ فَوَجَدَتْ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ يَلِيهَا
فَقَامَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْ الْوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا فَهَبَطَتْ مِنْ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ الْوَادِيَ
رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتْ الْوَادِيَ ثُمَّ أَتَتْ الْمَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا
فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا
فَقَالَتْ صَهٍ تُرِيدُ نَفْسَهَا ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَسَمِعَتْ أَيْضًا فَقَالَتْ قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَفَبَحَثَ بِعَقِبِهِ أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنْ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا
وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنْ الْمَاءِ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا قَالَ فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ لَا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ يَبْنِي هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ
وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَهْلَهُ وَكَانَالْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنْ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فَكَانَتْ كَذَلِكَ
حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَمُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا
فَقَالُوا إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ
فَأَقْبَلُوا قَالَ وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ فَقَالُوا أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ فَقَالَتْ نَعَمْ وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ قَالُوا نَعَمْ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الْإِنْسَ فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ
حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ وَشَبَّ الْغُلَامُ وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ وَمَاتَتْ
أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ
فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ فَشَكَتْ إِلَيْهِ قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيل
ُ
كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا فَقَالَ هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ قَالَتْ نَعَمْ جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ
قَالَ فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ قَالَتْ نَعَمْ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ قَالَ ذَاكِ أَبِي وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ الْحَقِي بِأَهْلِكِ
فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا 
قَالَ كَيْفَ أَنْتُمْ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ مَا طَعَامُكُمْ قَالَتْ اللَّحْمُ قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ قَالَتْ الْمَاءُ
قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ قَالَ فَهُمَا لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِمَكَّةَإِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ
قَالَتْ نَعَمْ أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ قَالَ فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ
قَالَتْ نَعَمْ هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ قَالَ ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ
وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْزَمْزَمَ فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ
ثُمَّ قَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ قَالَ فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ قَالَ وَتُعِينُنِي قَالَ وَأُعِينُكَ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا
وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ فَجَعَلَإِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ
جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَهُمَا يَقُولَانِ
 
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ  قَالَ فَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ وَهُمَا يَقُولَانِ
 
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ 




يحدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن قصة أبينا إسماعيل عليه السلام وأمه هاجر
وكان سبب إخراج هاجر وإبنها من أرض فلسطين ما جرى بين هاجر وسارة بعد أن رزقت بإسماعيل عليه السلام
فاضطرت هاجر إلى الهروب من وجه سارة عندما خشيت على نفسها وعلى إبنها ولقد أخبرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم أن هاجر جرت ثيابها من ورائها في هروبها
كي تمسح ثيابها آثار أقدامها فلا تدري سارة الموضع الذي قصدته

أمر الله عزوجل إبراهيم عليه السلام بترحيل هاجر وابنها الى موضع البيت العتيق وهو مكان ناء بعيد لا تبلغه الركاب إلا بشق الأنفس
نقل إبراهيم عليه السلام طفله الصغير وأمه من الأرض المباركة ذات الرياض والخضرة والمياه الجارية إلى الوادي ووضعهما عند شجرة وقفا عائدا
لقد أسكنهما في ذلك الوادي بأمر من الله عزوجل ولم يقبل إبراهيم عليه السلام مناشدة هاجر له وهي تجري خلفه
وتقول له / أين تذهب وتتركنا ؟ وتردد ذلك عليه مرارا وهو لا يجيب فلما أعيا هاجر الجواب قالت له : آلله أمرك بهذا ؟ قال نعم
عندها هدت وهدأ بالها وقرت نفسها وهي تعلم أن الله لن يضيعها

مضى إبراهيم عليه السلام عائدا حتى اذا بلغ الثنية وغاب عن أنظار هاجر توجه إلى مكان البيت العتيق ورفع يديه إلى السماء ودعا
رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ " ابراهيم 37

مكثت أم اسماعيل أياما تشرب ن القربة بها ماء تركها لها إبراهيم عليه السلام وتأكل تمرات أبقاها لها وتسقى وليدها من لبنها ولكن سرعان ما نفذ التمر والماء
فعطشت وعطش وليدها فلم تطق النظر اليه فإندفعت بالبحث عن ماء يروي ظمأها لكي تروي ظمأ طفلها
فوجدت الصفا أقرب مرتفع من الأرض إليها تريد أن تستكشف ما حولها فرقت الصفا ونظرت بلإمعان فلم تجد أحدا فانحدرت إلى الوادي متجهة إلى أقرب
جبل لها وهو المروة فعلته ونظرت فلم تجد أحدا وبقيت هكذا تتردد بين الجبلين حتى أتمت سبعة أشواط
بعدها صمت صوتلا فأصغت له وقالت لنفسها : صه فإذا بالصوت يطرق مسامعها مرة ثانية فدققت في في مصدر الصوت ونظرت فإذا به يأتي من عند وليدها
وإذا هو ملاك الرب جبريل عليه السلام يبحث بعقبه الأرض أو بجناحيه عند موضع زمزم فإذا بالماء يفور

أخرج الله لها الماء من تحت أقدام وليدها الصغير وكانت فرحتها كبيرة وغامرة فالحرمان من الماء يعني موتها وموت صغيرها
وانبثاق الماء فيه حياتها وحياة صغيرها في ذلك الوادي الخالي

سارعت هاجر بدافع العريزة الحريصة على جمع الماء وإحراز أكبر قدر منه وأخذت تملأ منه قربتها
ولو قدر لها أن تتركه يجري ويسيل لأصبحت زمزم عينا جارية
فشربت وأم إسماعيل وحرك الحليب في ثديها فسقت طفلها

أتم الله على أم إسماعيل وأبنها نعمة أخرى فساق إليها من يساكنهم الديار فيأنسون وتزول عنهم الوحشة فقد مر قريبا منهم
رفقة من قبيلة جُرهم فنزلوا أسفل مكة فرأوا طيورا تحوم في الفضاء وكانوا يعلمون أن مثل هذا الحومان لا يكون من الطير إلا حيث يوجد ماء لكنهم
تشككوا في صدق حدسهم لأنهم لم يعهدوا بهذا المكان لا ماء ولا سكان ولكنهم لكي يقطعوا الشك باليقن أرسلوا من يأتيهم بالخبر
فعاد إليهم رسولهم يخبرهم بما رأى فانطلقوا حيث أم إسماعيل وابنها ورأوا بأعينهم فاعجبهم ذلك واستأذنوا أم إسماعيل في الإقامة معها
فأذنت لهم واشترطت عليهم أن لاحق لهم في الماء بمعنى أنهم يستطيعون الشرب لكن العين لها ولـ إبنها
فأرسلوا إلى أ هليهم وسكنوا بجوارها

شب إسماعيل عليه السلام وكان يتدفق حيوية ونشاطا وزانه خلقه الكريم وساجايا العظيمة فأحبه مجاوريه وقدروه وزوجوه امرأة منهم
وماتت ام اسماعيل بعد أن اطمأنت عليه , وجاء ابراهيم يطالع تركته فلم يجد إسماعيل في بيته فقد خرج يطلب القوت لأهله وشكت زوجة إسماعيل
معيشتهم لما سالها وأخبرته أنهم في ضيق وشدة فطلب منها أن تقرئ زوجها السلام وأن يغير عتبة داره
لم تعلم الزوجة أن الشيخ الذي مر بهم هو والد إسماعيل كما أنها لم تعلم أن الرسالة التي حملتها لزوجها فيها طلاقها وقد فعل الأبن الطائع ما أمره به والده

وعندما عاد إبراهيم مرة أخرى وجد امرأة اخرى يخالف حالها حال من كانت قبلها فرضي بزواج ابنه منها وأمره أن يمسك عتبة بيته
فلقد سالها عن معيشتهم وعن طعامهم فقالت نحن بخير وسعة وأثنت على الله سبحانه وتعالى وحمدته وسألهم عن طعامهم وشرابهم فقالت اللحم والماء
فدعا لهم بالبركة

جاء إبراهيم في المرة الثالثة يزور ابنه ويستطلع أحواله فوجده في الديار جالسا يبري نبله تحت تلك الدوحة التي تركه تحتها صغيرا عندما جاء به أول مرة
فقام إليه إسماعيل فصنعا ما يصنع الوالد بالولد والوالد بوالده من التسليم والمعانقة والتقيبل وأخبره بأمر الله له ببناء البيت الحرام وأنه أمر إسماعيل
بإعانته على بناء البيت فبادر إسماعيل إلى طاعة أمر الله عزوجل فبنى إبراهيم وإسماعيل البيت وكانا وهما يبننيان يدعوان قائلين
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ البقرة 127 





............... عبر وفوائد .............

1) في هذه القصة الكثير من المعلومات والحقائق التي أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم

2) ذكر معلومات قيمة عن الآباء الكرام وعن نشأة المدينة المقدسة وبناء البيت العتيق

3) استجابة ابراهيم عليه السلام لأمر الله عزوجل

4) حفظ الله لأوليائه ورعايته لهم

5) حفظ الله إسماعيل وهاجر في ذلك الوادي الموحش

6) الاستسلام لأمر الله عزوجل لا ينافي سعي العبد فيما فيه صلاحه

7) قدرة الله عزوجل على إخراج الماء من الصخرة الأصم

8) رعاية الوالد لولده ونصحه بما يراه فيه خيره وصلاحه

9) التبرم بقلة الرزق وضيق العيش ليس من أخلاق الصالحين

10) الصبر على قلة الزاد وشكر الله على ما أنعم الله به فهو من أخلاق الصالحين

11) استحباب دعاء الصالحين بالبركة في الطعام والشراب كما فعل إبراهيم عليه السلام

12) إبداء مشاعر الفرح والسرور عند لقاء الأحبة والتعبير عن ذلك بالمظاهر المناسبة

13) كان إسماعيل عليه السلام راميا ماهرا وصيادا حاذقا

14) التعاون بين الأقارب في فعل الخيرات

15) بر إسماعيل بأبيه فقد استجاب لأمر أبيه في تطليق زوجته الأول وفي إمساك الاخرى

16) إسماعيل عليه السلام والد العرب المستعربة وهم عرب الحجاز

17) حكمة الله بالغة في أمر إبراهيم عليه السلام بترحيل زوجته وإبنه الى الوادي حيث لا ماء ولا طعام وسكان

18) نشأت إسماعيل في الوادي له حكمة بالغة بنشأت البيت العتيق والان نحن ندرك إدراكا جليا وواضحا
هذه الحكمة وهي تحقيق العبادات والشعائر والخيرات الكثيرة

19) المؤمن يعلم أن الله لا يضيع من استجاب لأمره وحقق مراده

20) نال ابراهيم واسماعيل عليهما السلام وذريتهما من الأجر والثواب مالايعلمه إلا الله
ورفع بذلك ذكرهما وخلد اسمهما وذلك فضل الله يؤتيه من يشأ والله ذو الفضل العظيم




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بصمةالزوار
بارك الله فيكم